فهم “نيو ميديا” وسياقها

يشير مصطلح “نيو ميديا” إلى المنصات الرقمية والتقنيات التي ظهرت في السنوات الأخيرة، مما أحدث ثورة في مجال التواصل واستهلاك الإعلام. يشمل هذا المفهوم وسائل التواصل الاجتماعي، مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، البودكاست، وغيرها من القنوات المعتمدة على الإنترنت التي تسهل نشر المعلومات والسرديات الثقافية بشكل سريع. بينما تشير “نيو ميديا” إلى تحول ثقافي في كيفية تعبير المجتمعات عن نفسها، من الضروري التعامل مع تطبيق هذا المصطلح بعناية، خاصة فيما يتعلق بالمجموعات العرقية مثل الكورد والأمازيغ. قد يؤدي الاستخدام غير السليم للمصطلح إلى تقليص التعقيد التاريخي الغني لهذه المجتمعات وتحويلها إلى مجرد مواضيع لتيارات الإعلام المعاصرة.

تتمثل جوهر الهويات العرقية في سياقاتها التاريخية، التي تمتد بعيدًا عن إطار العمل الرقمي الحديث. فقد حافظت مجموعات مثل الكورد والأمازيغ على تراثها الفريد ولغاتها وتقاليدها على مر العصور. ولا يمكن تصنيف هذه الهويات على أنها مجرد منتجات للإعلام الجديد؛ بل هي متجذرة بوضوح في تاريخ غني يستحق الاعتراف والاحترام. وبالتالي، بينما يوفر “نيو ميديا” لهذه المجتمعات منصة لتضخيم أصواتها، من الضروري أن نعترف بأنها كانت موجودة منذ فترة طويلة قبل ظهور التقنيات الرقمية.

تمكن التنسيقات الجديدة للإعلام الأقليات العرقية من خلال تزويدهم بالأدوات اللازمة لمشاركة قصصهم وثقافاتهم ونضالاتهم مع جمهور عالمي. يتيح هذا الوصول الديمقراطي إلى تكنولوجيا الاتصال للمجموعات المهمشة إعادة تشكيل قصصها، وتحديد هوياتها، والتفاعل مع العالم الأوسع. ومن ثم، فإن وجود “نيو ميديا” يعمل كسيف ذي حدين: فهو يعزز رؤية هذه المجموعات ويخاطر بتبسيط تاريخها المعقد. في النهاية، من الضروري أن ندرك أن “نيو ميديا” يعمل كوسيلة للتعبير بدلاً من أن يحدد جوهر هذه المجتمعات، حيث يربط بينها من خلال التجارب المشتركة مع التأكيد على وجودها المستمر في التاريخ.

الجذور التاريخية والتأثير العصري للمجموعات العرقية

يمتلك الكورد والأمازيغ خلفيات تاريخية غنية تمتد على مدى قرون، مما يعكس هوياتهم الفريدة وإسهاماتهم الكبيرة في النسيج الثقافي الإقليمي والعالمي. يعيش الكورد في منطقة جبلية تُعرف بكردستان، التي تمتد عبر أجزاء من تركيا والعراق وإيران وسوريا، ويتميزون بتراث يتسم بلغتهم الخاصة بهم، وكذلك تقاليدهم الحية مثل الموسيقى والرقص. على مر التاريخ، واجه الكورد مشاهد سياسية معقدة أثرت بشكل عميق على تعبيراتهم الثقافية ومكانتهم الاجتماعية.

وبالمثل، حافظ الأمازيغ، الذين يعتبرون السكان الأصليين لشمال إفريقيا، على لغتهم، التامازيغت، إلى جانب الطقوس الثقافية والتعبيرات الفنية الفريدة. يعكس صمودهم في الحفاظ على عاداتهم وسط الاستعمار والعولمة التزامهم بالحفاظ على ثقافتهم. لعب الأمازيغ دورًا حيويًا في تاريخ شمال إفريقيا، مؤثرين في التجارة والزراعة والهياكل الاجتماعية عبر المنطقة.

في العصر الحديث، غير ظهور الإعلام الجديد الطريقة التي تعبر بها هذه المجموعات العرقية عن هويتها وتدافع عن حقوقها. تُعد منصات التواصل الاجتماعي أدوات أساسية للكورد والأمازيغ للتواصل، ومشاركة قصصهم، وحشد الدعم لقضاياهم. لقد مكّن سرد القصص الرقمي والنشاط عبر الإنترنت هذه المجتمعات من استعادة رواياتها، والاحتفال بتراثها، وإثبات وجودها في عالم عالمي متزايد. تعزز هذه الحضور الرقمي من مرونتهم الثقافية ويعزز التضامن بين أعضاء المجموعة، مما يبرز التأثير العميق للإعلام الجديد على الهوية العرقية.

4o mini

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *